بلا شك فإن اسم “ألمانيا” اليوم يرتبط بالجودة والإتقان مهما كان المنتج أو الخدمة التي تحمل ذلك الاسم، والسياحة العلاجية والخدمات الطبية ليست استثناء بكل تأكيد، حيث يعتبر نظام الرعاية الصحية في ألمانيا من أفضل الأنظمة الصحية في الاتحاد الأوروبي، ويعود ذلك لعدة عوامل مختلفة.
أحد أبرز تلك العوامل هو برامج مراقبة الجودة الصارمة التي يفرضها القانون الألماني على المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، حيث تتضمن تلك البرامج شهادات الاعتماد من المعهد الألماني للقياس من أجل تقديم أفضل جودة صحية ممكنة في الخدمات والعمل بمبادئ الشفافية في مجال السياحة العلاجية.
كما ينال الأطباء الألمان تدريباً مكثفاً وشديد الدقة قبل نيل الشهادات اللازمة لممارسة مهنة الطب، فإضافة للدراسة الأكاديمية والعملية في المرحلة الجامعية فإن الطالب يتوجب عليه بعد التخرج اجتياز اختبار المجلس الطبي الألماني، ومن ثم المرور بتدريب الاختصاص الذي يستمر لمدة تتراوح ما بين 5 – 7 سنوات تبعاً لمجال الاختصاص الذي اختاره الطبيب يليه اختبار آخر للبدء بممارسة المهنة، وكل هذه القوانين الصارمة تضمن أفضل جودة في القطاع الطبي الألماني.
التأمين الصحي
تفرض ألمانيا على جميع مواطنيها والمقيمين فيها وكل من يرغب بالإقامة لفترة تتجاوز 6 أشهر الحصول على تأمين صحي، حيث يعتبر التأمين الصحي إجبارياً في البلاد، ويوجد العديد من برامج التأمين الحكومية أو الخاصة، كما توجد برامج تأمين صحي تجمع بين النمطين.
هذا التأمين يوفر الكثير من الميزات العلاجية والمادية الكبيرة جداً لحاملي التأمين الصحي، وهو واحد من أهم عوامل التميز العلاجي والصحي في ألمانيا ويجعلها من أفضل نماذج أنظمة الرعاية الصحية في القارة الأوروبية، كما يفسر توجه الآلاف من السياح سنوياً نحو ألمانيا لنيل مختلف العلاجات الطبية.
جراحة الأعصاب والدماغ
جراحة الأعصاب والمخ هو اختصاص طبي جراحي يركز على علاج أمراض الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الطرفي والنخاع الشوكي، وتشمل الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي أورام المخ والاختلالات والاضطرابات العصبية المختلفة، وسرطان النخاع الشوكي، ومختلف تشوهات النخاع الشوكي.
وتمتلك ألمانيا تميزاً خاصاً على المستوى العالمي في مجال جراحة الأعصاب والمخ حيث يزورها الآلاف سنوياً من الباحثين عن السياحة العلاجية لتلقي علاجات الأعصاب المختلفة، حيث تتميز المستشفيات الألمانية في هذا المجال بأسلوب علاجي مميز يقوم على تضافر جهود عدة متخصصين في العديد من التخصصات العصبية والجراحية للوصول إلى أفضل علاج للمريض.
كما أن ألمانيا تمتلك عدداً وكفاءات كبيرة جداً كماً ونوعاً في مجال الجراحة العصبية مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، وهو ما يجعلها واحدة من أبرز وجهات السياحة العلاجية عالمياً عندما يتعلق الأمر بجراحة الأعصاب والدماغ والعمليات الطبية المعقدة التي ترتبط بها.
مستشفى أوروبا
تشتهر ألمانيا في مجال السياحة العلاجية بلقب “مستشفى أوروبا” وذلك بسبب العدد الكبير من المستشفيات والمراكز الصحية والخبرات الكبيرة من ناحية العدد والخبرة في مجال الطب، حيث تمتلك ألمانياً معدلاً لعدد المستشفيات لكل 1000 فرد يعادل ضعف المعدل في الولايات المتحدة الأمريكية كمثال.
كما تتمتع ألمانيا بتنوع بشري كبير في مجال الطواقم الطبية حيث تعتبر اللغة الإنجليزية من اللغات التي يتقنها الكثير من الأطباء والممرضين إلى جانب لغتهم الأصلية الألمانية، كما أنه من السهل العثور على الأطباء والممرضين المتحدثين باللغات التركية والعربية والروسية وغيرها العديد من اللغات.
وأحد أهم ميزات ألمانيا في مجال السياحة العلاجية هو التطور الكبير الذي تملكه في مجال تصنيع المواد الطبية والأدوية والمعدات الطبية، وهو ما يمكن مستشفيات ألمانيا من الحصول على الكثير من التقنيات الطبية الجديدة والأدوية قبل غيرها في أي مكان في العالم، وتحديداً في أوروبا.
وتعتبر روسيا في مقدمة الدول التي يأتي منها السياح إلى ألمانيا بهدف العلاج، تليها دول الشرق الأوسط وتحديداً منطقة الخليج العربي مثل الإمارات والسعودية والكويت، والتي ترسل الكثير من المرضى للعلاج في ألمانيا، وبحسب إحصاءات عام 2018 فإن ألمانيا استقبلت أكثر من 115,000 سائحاً قدموا إليها بهدف السياحة العلاجية.
النقاهة والسياحة في ألمانيا
ألمانيا دولة سياحية من الطراز الأول وهي ضمن قائمة أكثر عشر دول اجتذاباً للسياح في العالم، ويرجع ذلك لاحتوائها على الكثير من الآثار والمناطق الطبيعية الخلابة، إضافة إلى كونها توفر شبكة مواصلات حديثة وسريعة والكثير من الفنادق والمنتجعات عالية الجودة لإقامة السياح فيها.
المقاهي والمطاعم في ألمانيا تتنوع بشكل كبير وتشمل مختلف مطابخ العالم وثقافاته كما تعج المدن الألمانية بالمسارح والمتاحف لمحبي الموسيقى والمسرح والفن بشكل عام، وتعتبر مدن برلين وهامبورغ وميونخ وفرانكفورت من أبرز المواقع السياحية في ألمانيا، إضافة إلى المناطق الطبيعية الرائعة مثل الغابة السوداء وجبال الألب الألمانية.
هذه الميزات السياحة العديدة تسهم بشكل كبير في جعل تجربة السياحة العلاجية في ألمانيا تجربة متكاملة من حيث الجودة العلاجية والتقنيات الطبية المتميزة، وفترات النقاهة والسياحة المريحة بعد العلاج، والتي تجعل سمعة ألمانيا في مجال السياحة العلاجية سمعة متميزة على مستوى أوروبا والعالم.